| 0 التعليقات ]


إنه يوم الجمعة ، أكثر الأيام بركة في الأسبوع ، وأكثر يوم نستبشر بقدومه لأنه آخر أيام أسبوع مرهق في الكلية . في هذا اليوم كنا على موعد مع مادة أضيفت حديثا إلى جدولنا المكتظ ، إنها مادة تتحدث عن طبيعة العلاقة بين الطبيب والمريض ماهيتها ، أسسها ، أهميتها ، وفوائدها . للوهلة الأولى ظننت أن المادة ليست بتلك الأهمية لتوضع بجانب المواد الرئيسية اللتي يقوم الطب عليها ، هذا ماظننته لكن سرعان مااتضح لي العكس .

أول ماعرضه لنا مدرس تلك المادة هو تسجيل لمقابلتين حصلت بين اثنين من الأطباء واثنين من المرضى ، الأولى كانت تعكس صورة طبيب يحدث المريض بلغة غامضة مليئة بالمصطلحات الطبية ،

يشعر المريض بأنه في غرفة استجواب لا عند الطبيب ، والأخرى تعكس صورة طبيب يحدث مريضه كأنه صديق له ، يطمئنه ، يحدثه بلغة بسيطة سلسة . طريقة تعامل الطبيب مع المريض مهمة جدا وتعتبر خطوة أساسية نخو التشخيص الصحيح لحالة المريض . الطبيب الذي يخاطب المريض بلغة يفهمها ، يبين له علته بأبسط الكلمات التي تخلو من المصطلحات الطبية الغامضة ، الطبيب الذي يستطيع كسب ثقة المريض وإقناعه بأنه شخص يريد مساعدته للتخلص مما يعاني منه . هذه المهارات التي قد تعتمد على بعض الأشياء البسيطة كالنظر إلى عيني المريض عند التحدث إليه ، مخاطبته باسمه ، والإستماع إليه بإنصات عندما يشرح علته ، وإعطاءه الفرصة الكافية ليبدي كل مايريد ، هذه الأشياء البسيطة تكسب المريض ثقة في طبيبه وقناعة به مما تدفع المريض لتوضيح كل مايشكو منه بكل التفاصيل حتى المحرجة منها .
أخذ تفاصيل المرض كاملة والإلمام بتاريخ المريض والحوادث اللتي تعرض لها هي الخطوة الأولى والرئيسية للوصول إلى تشخيص صحيح يفند المرض ويمهد لعلاجه . هذه المهارات التي يتوجب وجودها في كل الأطباء تغيب عند الأغلبية والذي ينعكس سلبا على أداء الطبيب ، وعلى مستوى الرعاية الصحية التي يتلقاها المريض ، والأخطاء الطبية نتيجة تشخيص خاطئ أو متسرع ماهو إلا دليل بين على ذلك ، وللأسف أن مثل هذا الخطأ البسيط قد يؤدي إلى نتائج كارثية قد تودي بالمريض إلى الموت .
المريض هو إنسان قبل أن يكون مريضا ، وكرامة النفس البشرية تحتم علينا أن نعامل المريض باحترام وأهمية وأن نقدم له كل ما بأيدينا لنزيل عنه الوهن والألم .
الطبيب لن يكون ناجحا إن لم يؤمن بأنه خادم للمريض وساع على راحته ، ومن لم يؤمن بذلك أخشى أن يكون خائنا للثقة اللتي أعطيت له يوم وطأت قدماه إلى المجتمع متخرجا من كلية الطب .

محمد المغي

0 التعليقات

إرسال تعليق